responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 20  صفحه : 244
بَعْضَكُمْ
وَالْبَاقُونَ بِالْيَاءِ لِقَوْلِهِ: فَهُمْ فِيهِ سَواءٌ وَاخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ وَأَبُو حَاتِمٍ لِقُرْبِ الْخَبَرِ عَنْهُ، وَأَيْضًا فَظَاهِرُ الْخِطَابِ أَنْ يَكُونَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ، وَالْمُسْلِمُونَ لَا يُخَاطَبُونَ بِجَحْدِ نِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى.
المسألة الثَّانِيَةُ: لَا شُبْهَةَ فِي أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ: أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ الْإِنْكَارُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ أَوْرَدَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْحُجَّةَ عَلَيْهِمْ.
فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَصِيرُونَ جَاحِدِينَ بِنِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ بِسَبَبِ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ؟
قُلْنَا: فِيهِ وَجْهَانِ:
الوجه الْأَوَّلُ: أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمُعْطِي لِكُلِّ الْخَيْرَاتِ هُوَ اللَّهَ تَعَالَى فَمَنْ أَثْبَتَ لِلَّهِ شَرِيكًا فَقَدْ أَضَافَ إِلَيْهِ بَعْضَ تِلْكَ الْخَيْرَاتِ فَكَانَ جَاحِدًا لِكَوْنِهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَيْضًا فَإِنَّ أَهْلَ الطَّبَائِعِ وَأَهْلَ النُّجُومِ يُضِيفُونَ أَكْثَرَ هَذِهِ النِّعَمِ إِلَى الطَّبَائِعِ وَإِلَى النُّجُومِ، وَذَلِكَ يُوجِبُ كَوْنَهُمْ جَاحِدِينَ لِكَوْنِهَا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى.
وَالوجه الثَّانِي: قَالَ الزَّجَّاجُ: الْمُرَادُ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا قَرَّرَ هَذِهِ الدَّلَائِلَ وَبَيَّنَهَا وَأَظْهَرَهَا بِحَيْثُ يَفْهَمُهَا كُلُّ عَاقِلٍ، كَانَ ذَلِكَ إِنْعَامًا عَظِيمًا مِنْهُ عَلَى الْخَلْقِ، فَعِنْدَ هَذَا قَالَ: أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ فِي تَقْرِيرِهِ هَذِهِ الْبَيَانَاتِ وَإِيضَاحِ هَذِهِ الْبَيِّنَاتِ يَجْحَدُونَ.
المسألة الثَّالِثَةُ: الْبَاءُ فِي قَوْلِهِ: أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ زَائِدَةً لِأَنَّ الْجُحُودَ لَا يُعَدَّى بِالْبَاءِ كَمَا تَقُولُ: خُذِ الْخِطَامَ وَبِالْخِطَامِ، وَتَعَلَّقْتُ زَيْدًا وَبِزَيْدٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِالْجُحُودِ الْكُفْرُ فَعُدِّيَ بالباء لكونه بمعنى الكفر والله أعلم.

[سورة النحل (16) : آية 72]
وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ (72)
[في قوله تَعَالَى وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً] اعْلَمْ أَنَّ هَذَا نَوْعٌ آخَرُ مِنْ أَحْوَالِ النَّاسِ، ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِيَسْتَدِلَّ بِهِ عَلَى وُجُودِ الْإِلَهِ الْمُخْتَارِ الْحَكِيمِ، وَلِيَكُونَ ذَلِكَ تَنْبِيهًا عَلَى إِنْعَامِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عَبِيدِهِ بِمِثْلِ هَذِهِ النِّعَمِ، فَقَوْلُهُ: جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً قَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُرَادُ أَنَّهُ تَعَالَى خَلَقَ حَوَّاءَ مِنْ ضِلْعِ آدَمَ، وَهَذَا ضَعِيفٌ، لِأَنَّ قَوْلَهُ: جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً خِطَابٌ مَعَ الْكُلِّ، فَتَخْصِيصُهُ بِآدَمَ وَحَوَّاءَ خِلَافُ الدَّلِيلِ، بِلْ هَذَا الحكم عَامٌّ فِي جَمِيعِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ تَعَالَى خَلَقَ النِّسَاءَ لِيَتَزَوَّجَ بِهِنَّ الذُّكُورُ، وَمَعْنَى: مِنْ أَنْفُسِكُمْ مِثْلُ قَوْلِهِ: فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ [الْبَقَرَةِ: 54] وَقَوْلُهُ: فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ [النُّورِ: 61] أَيْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَنَظِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً [الرُّومِ: 21] قَالَ الْأَطِبَّاءُ وَأَهْلُ الطَّبِيعَةِ: التَّفَاوُتُ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى إِنَّمَا كَانَ لِأَجْلِ أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ أَسْخَنَ مِزَاجًا فَهُوَ الذَّكَرُ، وَكُلَّ مَنْ كَانَ/ أَكْثَرَ بردا ورطوبة فهو المرأة. ثم قالوا: الْمَنِيُّ إِذَا انْصَبَّ إِلَى الْخِصْيَةِ الْيُمْنَى مِنَ الذَّكَرِ، ثُمَّ انْصَبَّ مِنْهُ إِلَى الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ مِنَ الرَّحِمِ كَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا تَامًّا فِي الذُّكُورَةِ، وَإِنِ انْصَبَّ إِلَى الْخِصْيَةِ الْيُسْرَى مِنَ الرَّجُلِ، ثُمَّ انْصَبَّ مِنْهَا إِلَى الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ مِنَ الرَّحِمِ، كَانَ الْوَلَدُ أُنْثَى تَامًّا فِي الْأُنُوثَةِ، وَإِنِ انْصَبَّ إِلَى الْخِصْيَةِ الْيُمْنَى، ثُمَّ انْصَبَّ مِنْهَا إِلَى الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ مِنَ الرَّحِمِ، كَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا فِي طَبِيعَةِ الْإِنَاثِ وَإِنِ انصب إلى الخصية اليسرى من الرجل ثم انْصَبَّ مِنْهَا إِلَى الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ مِنَ الرَّحِمِ، كَانَ هَذَا الْوَلَدُ أُنْثَى فِي طَبِيعَةِ الذُّكُورِ.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 20  صفحه : 244
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست